19‏/08‏/2009

شارك معانا.. طوَّر سكك حديد مصر وادعي لحماده :)






بأبسط التعبيرات قد أصف علاقتي بسكك حديد مصر وأقول أن القطار بالفعل "خد مني راقات".. ياما اندعكت واتطوقت ووقفت في طرقاته واتردمت بتراب السكه أو قش الأرز في موسمه.. وبالرغم من ذلك ففي كل مرة كانت الرفقة تنسيني كل هذا فأرغي مع الصديقات ونشتري العسلية والأقلام وجلدة الأنبوبة كمان.. ولكن كعادة الأيام والبشر تتغير السكك والإتجاهات فلا تجد الرفيق وتستبدله بدماغ مصحصحة وجاهزة لرصد تفاصيل الرحلة والتعليق عليها فيما بعد...

كدت أصدق ماذكرته السيدة صاحبة الصوت العذب في الحملة الإعلانية على الراديو الذي يصنع خلفية لفترات وجودي بالمنزل وممارستي لمهامه.. ولكن لماذا سيصدقون تلك المرة ياهبة؟! لا أعلم! تشجعت ونويت السفر بمفردي لعلي أجدد حبي القديم للترحال وأقضي المشاوير المؤجلة في البندر وكذا أشارك في مشروع التطوير هذا.. ولو بثمن تذكرة.

وبعد عودتي سالمة بفضل الله وبركة دعا الوالدين يمكنني الآن تلخيص الرحلة ذهاباً وإياباً في بعض النصائح حتى يتسنى لكم أيضاً المشاركة في هذا المشروع القومي العظيم:



  • لا تفكر في خبط مشوار حتى المحطة ليلة سفرك لعلك تحظى بتذكرة بنت حلال.. فالكمبيوتر عطلان منذ فترة ولذلك "ستتطوق" في الصباح يا بطل! والتطويق لمن لا يعلم هو دفع غرامة قيمتها ثلاثة جنيهات فضلاً عن سعر التذكرة (14 جنيهاً بالمناسبة في قطار المنصورة - القاهرة- المكيف درجة ثانية)




  • حاول الجلوس في وسط العربة فلن تشكو من الروائح العطرة المنبعثة من دورة المياة التي يقسم المفتش أنها "ممسوحة بالفنيك!" وكذلك لن تصبح مضطراً لتنبيه كل من دخل أو خرج بضرورة غلق الباب "ف عرضك!"




  • للفتيات فقط: حاولي الجلوس بجوار سيدة لديها على الأقل ولد وقد غط في نوم عميق.. تجاهلي شخيره المستمر! (لا تتعجبي من نصيحتي فستدركين فائدة ذلك لاحقاً)




  • إن كانت العربة أشبه بالديب فريزر فلا تتعجل وتطلب من المفتش أن يرفع درجة الحرارة قليلاً.. فلا وسط هنا! وستكتشف بعد قليل أنه بكل تأكيد قد أغلق التكييف تماماً




  • إن منعتك تلقائيتك وقمت بذلك فلا تفقد أعصابك.. اطلب في هدوء تشغيل التكييف مرة أخرى وعليك أن تبلع رد المفتش بإن "ماحنا قلنا كده! أصل العربية لما بتتملي الجو بيحرر"




  • كن مستعداً للتأخير.. فقطار الثامنة يسير متخذاً شكل حرف V وتشعر وكأنك قد مررت على بلاد الدلتا كافة مع إمكانية الوقوف على الكباري أو بين المزارع.. ولا تسأل عن سبب ذلك!




  • وبما إنك تطوقت فليس لديك الآن رقم مقعد محدد.. وحينما تمتلئ العربة عن آخرها في بنها يأتيك صاحب المقعد الذي اتخذته بجوار السيدة ليطالب بحقه في الجلوس... ابتسم ولملم حاجتك وهب قائماً مستعداً للوقوف بقية الرحلة حيث أن العربة الأخرى المكيفة قد امتلأت هي الأخرى




  • وهنا تأتي أهمية اختيار السيدة- والدة الشاب الضخم الذي ملأ القطار شخيراً.. فبكل ود وجنتلة سيقف لتجلسين بعد أن أكدت له والدته وشقيقته وكل من حوله أن "كفايه نوم بقى ياحماده!"




  • وفي رحلة العودة ستحمد ربك على تذكرتك التي حصلت عليها من محطة مصر المزدحمة دائماً (ليس كما هو موضح بالصورة)... ولكن هتنهب بقى! لازم القطر يطلع متأخر! فهذا هو مشروع تطوير السكة الحديد الذي اتخذ من "الدقة في المواعيد" شعاراً له.




  • وبما إنه آخر القطارات للمنصورة فحاول تقبل جيش التتر الذي ركب لتوه من محطة شبرا فامتلأت المقاعد والممر فلا إحساس ببرودة تكييف ولا مراعاة لأبسط طرق تجنب إنفلونزا الخنازير -ألا وهي عدم التكدس في الأماكن منعدمة التهوية.. فهنيئاً لك كل أنواع الفيروسات من أناس لم يكتشفوا اختراع المناديل الورقية بعد.




  • اصبر! فبعد قليل وحينما يمر المفتش سيخرج عدد لا بأس به من هؤلاء.. فهم "مصلحة" أو ركاب الدرجة الثالثة وقد هربوا لبعض الوقت من حرارة الجو والظلام الذي خيم على عرباتهم ولا مانع من بعض المشاحنات والألفاظ البذيئة التي تتناثر هنا وهناك بعد أن يكشف المفتش أمرهم.




  • لا تأبه بذلك الرجل الذي جلس وراءك وقد تقمص دور أحمد السقا في إعلانات شيبسي فبدى صوت القرمشة مجسماً بدرجة مستفزة.. نعم! أعلم أنه قد يفسد عليك محاولة الإسترخاء بعد يوم شاق ولكن اصبر! فحتماً سينتهي منه وينفض الكيس ليلحق بمهرجان المهملات الملقاه على الأرض ويمسح يده بكل تلقائية في الستارة المشتركة بينكما! فكما تؤكد إعلانات التطوير "السكك الحديد مش ليك لوحدك! دي لينا كلنا!"




  • لا عليك خالص من ذلك الرجل الذي أخذ يكرر بصوته الجهوري عبر تليفونه المحمول "هو فيه حد عاقل يتجوز الأيام دي؟!" بينما أخذ يعدد مافعله في الصباح من إنجازات كشراء السخان والبوتجاز وتركيب الستائر.




  • وإن كان لديك مشوار بطنطا فلديك فسحة من الوقت لتقضيه وتعود مرة أخرى لقطارك المنصوري اللطيف!




  • ولكن إن انتظرت بالقطار فيفضل أن تجهز الفكة لطفلة الشوارع التي لابد وأن تمسح يدها المغسولة بالديتول- تماماً كدورة المياة التي تم مسحها بالفنيك- في هدومك لتستعطفك بينما بيبع شقيقها الحمص وحب العزيز والحلاوة التي بدت وكأنها حاملة لكافة أنواع الفيروسات.. يعني انفلونزا تلاقي! تيفود تلاقي! ماتخليش ف نفسك حاجه أبداً!




  • وطوِّل بالك ع الآخر ولا تفعل كذلك الشاب الذي خرج من هدومه وقد جلس متململاً مستطولاً المشوار ومتسائلاً كلما اتصلت به منى "حد عنده فكرة احنا فين دلوقتي؟!"




  • وإن غلبك النعاس فلا عليك! هناك الكثيرون مثلك.. رأوا في المقاعد المتقابلة سريراً وثيراً فتفوقوا على حماده: خلعوا الأحذية واستلقوا بكل براءة لتناول الأرز باللبن مع الملائكة.


حقاً لا أعلم كيف تهورت وتخيلت أن سكك حديد مصر ستتطور.. فبالله عليكم كيف لها ذلك؟ وكيف لك أن تنعم برحلة قطار محترمة -لن أطمع في أن تكون سعيدة- طالما كان ركاب هذا القطار والقائمون عليه بهذه الدرجة من العشوائية؟!